السلبيات ...التعليمية

وأنا في طريقي لزيارة إحدى المدارس أطلقت مخيلتي الحالمة لنفسها العنان وأخذت تبني قصرا شامخا للتعليم في مدينة أفلاطون المثالية فإذا بي أقف عند الحرم التعليمي لتلك المدرسة فخرجت أنفاسي بعمق لتحرض اقدامي لتهرع سريعا لفتح أبواب اسوارها ,
وما إن دخلت حتى استوقفتني تلك الصفحات المتناثرة من كتب تزخر بأحاديث المصطفى وكلام الجبار وكأن في ذلك الفناء دارت رحى حرب طاحنة خلفت المئات بل الآلاف من أشلاء القتلى المتناثرة في كل مكان فحاولت أن أنقذ بعض تلك الصفحات التي كانت تحتضر إجلالا بما سطر فيها ,تابعت طريقي وقد بدأت علامات الغضب تغزو ملامح وجهي وما أن رفعت راسي حتى اصطدمت بطالبات بدت عليهن جل علامات الأنوثة ماعدا أصواتهن العالية وضحكاتهن الساخرة فحاولت يائسة أن ألملم هيبتي الضائعة وأندفع بقوة لأقف عند عتبة المسرح ليبدأ السيناريو فتلك المعلمة تنهر وتزمجر تارة وتمسك بمقبض الباب تارة أخرى للحيلولة دون خروج الطالبات من الفصل وتلك تخرج سريعا من فصلها وكأنها قدمت وجبة سريعة افتقرت كل القيم الغذائية لإشباع شهية طالباتها التعليمية أما تلك فقد سكبت المعلومات حسب خطة المنهج سكبا في عقول وأجساد تعاني من شروخات ثقافية ونفسية وفكرية ,
وهنا بدأ بحر أسئلتي يموج بين صمت وبوح ولكن مد ذلك السؤال وصل الى شاطئ لساني وهو يتساءل أين الفجوة يا مربيات الأجيال ويا عماد الأمة هل هي من المعلمات اللاتي لم تفهمن فلسفة التلميذات واحتياجاتهن ومعتلجات أفكارهن ولم يملكن لياقة ونضوجا فكريا للتعامل مع هذا الجيل؟ رغم أني أعترف وبكل فخر أن هناك معلمات هن تاج العملية التعليمية. أم أن تلك الفجوة اتسعت من الطالبات اللاتي يعشن في صراع بين الواقع والمأمول.
فبعدا وبعدا لتلك المشاهد المؤسفة، ألم تعلمن أن لنا تاريخا مجيدا وحاضرا زاهيا رسم كل ألوان الجمال؟ وأنكن تحملن بين أضلعكن روح الدين وعقيدة التوحيد؟ فمعلمكن الأمين قاد مدرسة ربانية برعاية الرؤوف الرحيم فطأطئن رؤوسكن إجلالا لخالق الأكوان واستشعارا بأمانة العلم والتهذيب وشكر وامتنانا لقيادتنا الحكيمة التي لم تدخر جهدا فتلك المشاريع التربوية ترى النور بين أروقة مدارسكن وتلك الأموال الطائلة التي تصب في تشييدها وتلبية احتياجات منسوباتها وطالباتها تقديرا منها بدورهن الفعال.
إذن متى سنضيّق اتساع تلك الفجوات بل متى سنرتقها لنقدم علاجا شافيا لبعض سلبيات التعليم في مملكة الدين والعطاء؟


بقلم مشرفة الاجتماعيات بمكتب الأحد والحرث /عواطف مباركي